في مدخل سوق داخلي، يضع «كيلفين تشي» سيارته من طراز بي إم دبليو في موقف للسيارات. كان تشي ينتظر صديقاً، بينما كانت الشاحنات الصغيرة تتخلص من البضائع التي تحملها للسوق الذي يضم مجموعة من الأكشاك المستقلة التي افتتحت في عام 1776.
يقع هذا الممر في قلب منطقة أكسفورد التاريخية التي من المفترض أن تصبح خالية من الانبعاثات. واعتباراً من فبراير، سيتعين على سائقي المركبات غير الكهربائية تسديد 10 جنيهات إسترلينية (13.50 دولار) يومياً لدخول المنطقة، مما يجعل هذه المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة أول مدينة في المملكة المتحدة تضع مثل هذا المعيار الصارم.
الفكرة هي حث السائقين مثل السيد تشي على التفكير في شراء سيارة كهربائية. تشكل هذه السيارات الآن خُمس مبيعات السيارات الجديدة في المدن الغنية مثل أكسفورد. بحلول 2030، تخطط الحكومة البريطانية لإنهاء بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالغاز والديزل. يقول المؤيدون إن تقسيم المدن الآن من أجل انبعاثات منخفضة أو صفرية هو وسيلة لتسريع هذا الانتقال من خلال زيادة تكلفة امتلاك المركبات التي تسبب تلوثاً، مع تشجيع المزيد من الناس على السير أو ركوب الدراجات، وهو نمط للحياة ازداد خلال عمليات الإغلاق بسبب الجائحة.
تنضم أكسفورد إلى العديد من المدن البريطانية الأخرى التي تخطط أو تنشئ مناطق للحد من الانبعاثات التي تخرج من أنبوب العادم. وقد تم تصميم هذه المناطق لتحسين جودة الهواء والصحة العامة، ولكنها أصبحت جزءاً من أدوات صانعي السياسات الذين يحاولون خفض انبعاثات الكربون التي تصدر من وسائل النقل – والتي تعد أكبر مصدر للانبعاثات في المملكة المتحدة، التي استضافت مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في جلاسكو، اسكتلندا.
في الشهر الماضي، قامت لندن بتوسيع نطاق منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية (ULEZ)، والتي تم إطلاقها عام 2019، مع فرض رسوم قدرها 12.20 جنيها إسترليني في اليوم على المركبات القديمة التي تعمل بالبنزين والديزل. تغطي المنطقة الجديدة 240 ميلاً مربعاً، مما يجعلها الأكبر في أوروبا. يعود الفضل إلى المنطقة الأولية الأصغر مساحة في أنها كانت السبب في إزالة عشرات الآلاف من السيارات التي تعمل بالديزل في الغالب من شوارع وسط لندن.
تقول «لورين ويتمارش»، التي تدير مركز تغير المناخ والتحولات الاجتماعية (كاست): «تقوم المدن الأكثر تقدماً بجهود كبيرة لمعالجة تغير المناخ. فهذا هو المجال الذي يشهد معظم الابتكار».
لكن العديد من البريطانيين ما زالوا قلقين من تكلفة التحول إلى الأخضر في وقت ترتفع فيه الأسعار العالمية، بما في ذلك الوقود الأحفوري الذي لا يزال العالم يعتمد عليه.
على سبيل المثال، فإن السيد تشي، وهو عامل مطعم، ليس مستعداً لاستبدال سيارته التي تعمل بالبنزين. وربما يستقل الحافلة في المرة القادمة. فهو يقول: «أفضل عدم الدفع»، مضيفاً أنه يدعم سياسات المدينة الخضراء ويصفه بأنه «اتجاه جيد».
نظراً لمساحتها المتواضعة، من غير المرجح أن تستطيع منطقة أكسفورد الخالية من الانبعاثات إجبار العديد من مالكي السيارات للتحول إلى الكهرباء، حيث إن أصحاب المتاجر والمقيمين، ومعظمهم من الطلاب الذين يعيشون في كليات أكسفورد يحصلون على إعفاءات.
بيد أن إطلاق هذا المخطط سيؤثر على صناعة توصيل الطلبات التي تخدم المنطقة: أدخلت إحدى الشركات المحلية أسطولاً من الشاحنات الكهربائية، بينما يحاول تجار السوق تجربة استخدام دراجتين تعملان بالشحن الإلكتروني، وفرتهما المدينة للقيام بعمليات التسليم اليومي.
يقول توم هايز، عضو مجلس المدينة لشؤون المواصلات الخضراء، إن أصحاب الأعمال بحاجة إلى رؤية مزايا استبدال مركباتهم المسببة للتلوث، معرباً عن أمله في أن يتم توسيع المنطقة في المستقبل. ويضيف: «إذا أثبتنا قدرتنا على القيام بذلك في هذه المنطقة في البداية، فنحن واثقون من قدرتنا على إقناع شركات على نطاق أوسع بأنه يمكنها الاستثمار في هذا المجال».
يقول تيم شوانين، أستاذ الجغرافيا بجامعة أكسفورد، والذي يدرس النقل منخفض الكربون، إن التركيز على المركبات التجارية أمر منطقي. ونظراً لأن المزيد من المدن البريطانية تضع قيوداً على انبعاثات المركبات، فإن مالكي الأساطيل الوطنية سيرغبون في التأكد من عدم إقصاء سائقيهم. ويضيف أن المناطق منخفضة الانبعاثات «ليست فعالة بشكل كبير في جعل الناس يتحولون من القيادة إلى ركوب الدراجات. لكنها ستحدث فرقاً فيما يتعلق بشراء المركبات التجارية أو تأجيرها».
يوجد في العديد من المدن بجميع أنحاء أوروبا مناطق مماثلة تحظر أو تقيد المركبات المسببة للتلوث في بعض أو كل الأيام. وتظهر الدراسات الاستقصائية أن معظم البريطانيين يوافقون على أن أنماط حياتهم التي تسبب الكثير من الانبعاثات الكربونية يجب أن تتغير إذا أرادت المملكة المتحدة أن تحقق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
وأظهر استطلاع حديث أجرته شركة «كاست» أن 62% من المشاركين يفضلون الحصول على إعانة للتحول إلى السيارات الكهربائية.
حملة المملكة المتحدة لاستبدال سيارات محرك الاحتراق الداخلي لا تتوافق مع أي سياسة للحد من القيادة بشكل عام. وهذا يعني، وفقاً لجريج آرتشر، مدير منظمة النقل والبيئة في المملكة المتحدة، وهي منظمة بحثية أوروبية غير ربحية، أن تعتمد على الاستيعاب السريع للمركبات الكهربائية للوصول إلى التخفيضات اللازمة للانبعاثات.
سيمون مونتليك
مراسل صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في بوسطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»